أبريل 29, 2025

المحاولة الممنهجة لمحو الهوية والمقاومة الفلسطينية

المعركة الحالية: من غزة إلى القدس

إن اضطهاد الفلسطينيين تحت الحكم الإسرائيلي لا يقتصر على السيطرة على الأرض، بل يمتد ليشمل محو هوية الشعب الفلسطيني ومعرفته. لا تهدف هذه الحملة المتعمدة من الرقابة والعنف والتهجير إلى الإبقاء على السيطرة فقط، بل تسعى أيضًا إلى طمس الذاكرة والتاريخ الفلسطيني.

ما نشهده اليوم في مختلف أنحاء فلسطين هو تنوّع في الاستراتيجيات، لكنه في جوهره جزء لا يتجزأ من المخطط الصهيوني المستمر منذ أكثر من قرن: الاستيلاء على أرض فلسطين ومحو شعبها.

 

محو المعرفة الفلسطينية

 

إحدى أكثر الطرق فعالية للسيطرة على شعب ما هي السيطرة على وصوله إلى المعرفة وقدرته على إنتاجها.

ولهذا السبب استهدفت إسرائيل بشكل منهجي المؤسسات التعليمية الفلسطينية، بدءًا من المدارس والجامعات، وصولًا إلى الفضاءات الثقافية مثل المكتبات. في قطاع غزة، داهمت القوات الإسرائيلية المدارس والجامعات وقصفتها وأحرقتها، مما قوض قدرة الجيل القادم على التعلم والنمو.

وفي الآونة الأخيرة، داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المكتبة التعليمية في القدس واعتقلت أصحابها وصادرت الكتب.

لا تقتصر هذه الانتهاكات على تدمير المساحات المادية فحسب، بل تهدف أيضًا إلى طمس الرواية الفلسطينية، وقمع الأصوات التي تحفظ تاريخنا حيًا.

 

هدم المنازل وتشريد العائلات

 

في جميع أنحاء فلسطين، من سلوان في القدس إلى مسافر يطا والخليل، تواصل إسرائيل هدم منازل الفلسطينيين بشكل يومي. وبالتزامن مع ذلك، تتوسع المستوطنات المخصصة لليهود فقط، مرسّخة المشروع الاستعماري الهادف إلى تهجير الفلسطينيين. 

تمثل هذه الحملة المستمرة جهدًا ممنهجًا لتطهير الفلسطينيين عرقيًا، واستبدالهم بالمستوطنين الإسرائيليين. إن هدم المنازل لا يشكل مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل يُعد اعتداءً مباشرًا على نمط حياة الفلسطينيين، حيث تُقتلع العائلات وتُجبر على النزوح.

 

إرهاب التجمعات الفلسطينية

 

تهاجم ميليشيات المستوطنين، المدعومة من دولة الاحتلال والمسلحة والمحمية من قبل الجيش الإسرائيلي، التجمعات الفلسطينية بشكل روتيني. تقوم هذه الميليشيات بحرق القرى، وتدمير حقول الزيتون، والاعتداء جسديًا على الفلسطينيين. وبتواطؤ الجيش، يتجرأ المستوطنون على سرقة الأراضي، وتدمير الممتلكات، والاستمرار في ضم المزيد من أراضي الضفة الغربية.

فالجيش يسلحهم، ويحميهم، ويشرعن نهبهم للأراضي. إن هذا العنف المنسّق هو جزء من تكتيك يهدف إلى تقويض الوجود الفلسطيني وشرعية مطالبهم بأرضهم، ما يسهم في تعزيز مشروع الاستعمار والتطهير العرقي.

 

ارتكاب المجازر وتجويع السكان

 

ما يجري في غزة لا يمكن وصفه بأقل من إبادة جماعية. فقد شنّت دولة الاحتلال حملة من المجازر الجماعية، والإبادة، والتجويع القسري، وتدمير البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المياه والكهرباء.

تهدف هذه التكتيكات إلى تسريع عملية محو الوجود الفلسطيني، من خلال جعل البقاء والنجاة شبه مستحيلين، ودفع من تبقّى من السكان إلى الرحيل دون عودة.

إن الهدف النهائي هو سحق قدرة الفلسطينيين على المقاومة والتنظيم، وإنهاء نضالهم لتحقيق حقوقهم السياسية.

 

تدمير مخيمات اللاجئين لإجبار الفلسطينيين على النزوح القسري

 

تواصل إسرائيل تنفيذ سياسة التهجير القسري المتكرر ضد اللاجئين الفلسطينيين، الذين ينحدر الكثير منهم من أحفاد أولئك الذين أُجبروا على مغادرة أرضهم عام 1948. فأصبحت مخيمات اللاجئين، التي كانت يومًا ما أماكن لجوء مؤقتة، أهدافًا مباشرة للتدمير، في محاولة لطمس فكرة عودة الفلسطينيين.

فقد تم تهجير أكثر من 40,000 فلسطيني في الضفة الغربية وحدها خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وتخضع مدن مثل جنين وطولكرم وقلقيلية ونابلس ومسافر يطا والخليل لحصار دائم، يرافقه اقتحامات عسكرية متكررة تهدف إلى زعزعة استقرار هذه التجمعات ومنع أي شكل من أشكال المقاومة.

تندرج هذه السياسات ضمن استراتيجية أوسع تسعى إلى تحويل المدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين إلى مدن أشباح، بما يضمن حرمان الفلسطينيين من حقهم في العودة إلى بيوتهم.

 

إسكات الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية

 

لا يقتصر قمع الأصوات الفلسطينية على من يعيشون تحت الاحتلال العسكري فقط، بل يشمل أيضًا الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية، حيث يواجهون منذ قيام الدولة الاستعمارية الاستيطانية الإسرائيلية، نظام الفصل العنصري، والتهجير الاستعماري والهيمنة.

وفي الأشهر الأخيرة، وخصوصًا منذ أكتوبر 2023، تصاعد هذا القمع بشكل ملحوظ، حيث شهدت الفترة الماضية ارتفاعًا في وتيرة الاعتقالات التعسفية. فقد اعتُقل عشرات النشطاء تعسفيًا بسبب آرائهم، بما في ذلك منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتُعد هذه الممارسة، التي لا تُطبق على المواطنين اليهود، جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى نزع الطابع السياسي عن الفلسطينيين داخل حدود 1948، وسحق هويتهم الوطنية.

 

شرذمة المجتمع الفلسطيني

 

الفلسطينيون شعب واحد وموحّد، إلا أن سياسات إسرائيل تهدف إلى شرذمتهم وتقسيمهم بين غزة، والضفة الغربية، والقدس، وبقية أنحاء فلسطين التاريخية.

فتدمير مدن مثل جنين وطولكرم، وخنق غزة، وتصاعد عنف المستوطنين، كلها إجراءات تهدف إلى تفكيك الاستمرارية السياسية، والاجتماعية، والجغرافية للشعب الفلسطيني. ومن خلال تفريغ هذه المناطق من سكانها، تسعى إسرائيل إلى جعل تحقيق تقرير المصير الفلسطيني أمرًا مستحيلًا.

لطالما كانت أجندة الدولة الإسرائيلية تدور حول:

  • القضاء على الهوية والوجود الفلسطيني
  • السيطرة على جميع الأرض والموارد الفلسطينية
  • توسيع سيطرة اليهود الحصرية

كل هجوم وكل اقتحام وكل حصار يتبع هذا النمط نفسه. هذه ليست حربًا – بل استعمار.

 

ماذا يمكنكم أن تفعلوا؟

إن نضال الشعب الفلسطيني هو قضية عالمية، تتطلب تضامنًا وعملًا فعّالًا من الشعوب في جميع أنحاء العالم. فماذا يمكنكم أن تفعلوا لدعم هذا النضال؟ إليكم بعض الطرق التي يمكنكم من خلالها المساهمة في حركة تحرير فلسطين:

  1. إيصال أصوات الفلسطينيين وقصصهم: شاركوا سرديات الفلسطينيين وتجاربهم لتُسمع أصواتهم. 
  2. التوعية والتثقيف: انشروا الوعي حول حقائق الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري.
  3. مقاطعة الشركات المتواطئة في دعم الاحتلال، ودعم البدائل.
  4. الضغط على حكوماتهم: طالبوا حكومتك بوقف تسليح إسرائيل وتمكينها من ارتكاب الجرائم.
  5. المشاركة في المظاهرات والتحركات الشعبية: انضموا إلى المجموعات المحلية، وشاركوا في الحملات والفعاليات التضامنية دفاعًا عن حقوق الفلسطينيين.

النضال من أجل تحرير فلسطين لم ينتهِ بعد. من فلسطين إلى العالم، سينتهي الأمر بنا موحدين ومنظمين.

النضال من أجل العدالة مستمر — والأمر متروك لنا جميعًا لنتضامن، وندعم حق الشعب الفلسطيني في المقاومة وتقرير مصيره بحرية.